من كتاب البرهان المؤيد للامام السيد أحمد الرفاعى الكبير ــ طبعة مكتبة الحلوانى دمشق ــ صفحة .4
وهو الذى سئل عن وصف الرجل المتمكن. فقال، هو الذى لو نصب له سنان على أعلى شاهق جبل فى الارض، وهبت الرياح الثمان ما غيرته. وكان t يقول الكشف قوة جاذبة بخصيتها، نور عين البصيرة الى فيض الغيب. ويتصل نورها به اتصال الشعاع بالزجاجة الصافية، حال مقابلتها المنيع الى فيضه. ثم يتقاذف نوره منععيبا بضوءه على صفاء القلب، ثم يترقى صاطعا الى عالم العقل، فيتصل به اتصالا معنويا، له أثر فى استفاضة نور العقل على ساحة القلب. ويشرق نور العقل على انسان عين السر، فيرى ما خفى عن الابصار موضعه، ودق عن الافهام تصوره، واستتر عن الاغيار مرآته. وكان t يقول الزهد أساس الاحوال المرضية، والمراتب السنية. وهو أول قدم القاصدين الى الله عز وجل، والمنقطعين الى الله، والراضين عن الله، والمتوكلين على الله. فمن لم يحكم أساس فى الزهد لم يصح له شئ مما بعده.
وكان t يقول الفقراء أشراف الناس. لأن الفقر لباس المرسلين، وجلباب الصالحين، وتاج المتقين، وغنيمة العارفين ومنية المريدين، ورضا رب العالمين وكرامة لأهل ولايته، وكان يقول الانس بالله لا يكون الا لعبد قد كملت طهارته، وصفا ذكره، واستوحش من كل ما يشغله عن الله تعالى. وعند ذلك أنسه الله تعالى به وأراده بحق حقائق الانس، فأخذه عن وجد طعم الخوف بما سواه. وكان t يقول، المشاهدة حضور بمعنى قرب مقرون بعلم اليقين، وحقائق حق اليقين.
وكان t يقول : التوحيد وجدان تعظيم فى القلب، يمنع من التعطيل والتشبيه. وكان يقول : لسان الورع يدعو الى ترك الأفات. ولسان التعبد يدعو الى دوام الاجتهاد. ولسان المحبة يدعو الى الذوبان والهيمان. ولسان المعرفة يدعو الى الفناء ــ والمحو. ولسان التوحيد يدعو الى الاثبات والحضور. ومن اعترض نفسه عن الاعراض أدبا، فهو الحكيم المتأدب.
وكان t يقول لو تكلم الرجل فى الذات والصفات، كان سكوته أفضل. ومن خطى من قاف الى قاف كان جلوسه أفضل، وكان t يقول لما مررت وأنا صغير على الشيخ العارف بالله تعالى عبد الملك الخرنوتى أوصانى وقال لى يا أحمد احفظ ما أقول لك فقلت نعم فقال t : ملتفت لا يصل، ومتسلل لا يفلح. ومن لا يعرف من نفسه النقصان فكل أوقاته نقصان. فخرجت من عنده وجعلت أكررها سنة، ثم رجعت له وقلت له : أوصنى فقال ما أقبح الجهل بالاولياء، والصلة بالاطباء، والجفاء بالاحباء، ثم خرجت وجعلت أرددها سنة فانتفعت بموعظته. وكان t يقول أكره للفقراء دعيب الحمام، وأحب لجميع أصحابى الجوع والعرى والفقر والذل والمسكنة. وأفرح لهم اذا نزل بهم ذلك. وكان يقول الشفقة على الاخوان مما يقرب الى الله تعالى. وكان t يقول اذا جئتم ولم تجدوا عندى ما يأكله ذو كبد فأسأل وفى الدعاء أدع لكم فانى حينئذ لى أسوة برسول الله e. قال الشيخ يعقوب t خادمه نظر سيدى أحمد الرفاعى t الى النخلة فقل يا يعقوب أنظر الى النخلة لما رفعت رأسى جعل الله تعالى ثقل حملها عليها، ولو حملت مهما حملت وانظر الى شجرة اليقطين لما وضعت نفسها ألقت خدها على الأرض جعل حملها على غيرها، ولو حملت مهما حملت، لا تسبه به. وكان t يقول الصدقة أفضل من العبادات البدنية، والنوافل. وكان t يقول أخوك الذى يحل لك أكثر ماله بغير اذنه هو الذى تسكن نفسك اليه وتستريح وكان اذا رأى على فقير جبه صوف يقول له يا ولدى أنظر عيبى من تزينت والى من قد انتسبت قد لبست لبسه الانبياء، وتحليت بحلية الاتقياء هذا زى العارفين فاسلك فيه مسالك المقربين والا فانزعه.
وكان t يقول اذا صلح القلب صار مهبط الوحى والاسرار والانوار والملائكة. واذا فسد صار مهبط الظلم والشياطين. واذا صلح القلب ناد وأخبرك بما ورائك وأمامك ونبهك على أمور لم تكن تعلمها بشئ دونه واذا فسد حدثك بباطلات يغيب معها الرشد وينتقى معها السعد. وكان t يقول من شرط الفقير أن يرى كل نفس من أنفاسه أعز من الكبريت الأحمر فيودع كل نفس أعز ما يصلح له فلا يضيع له نفس وكان t يقول السفر للفقير يمزق دينه ويشتت شمله. وكان يقول لمن شاوره فى الترويج، قال رسول الله e من تروج لله كفى ووقى. وكان t يقول من لم ينتفع بأفعالى لم ينتفع بأقوالى. وكان يقول الأمر أعظم مما تظنون وأصعب مما تتوقعون : وكان يقول كل أخ لا ينفع فى الآخرة. وكان t يقول اذا تعلم أحدكم شيئا من الخير فليعلمه الناس يثمر له الخير. وكان يقول طريقنا مبنية على ثلاثة أشياء لا نسأل ولا نرد ولا ندخر. وكان يقول من علامة اقبال المريد أن لا يتعب شيخه فى تربيته، بل يكون سميعا مطيعا للاشارة، وان يفتخر شيخه به بين الفقراء. لا انه يفتخر هو بشيخه. وكان يقول ان لم يغضب لنفسه وسلم الأمر لمولاه نصره من غير عشيرة ولا أهل. وكان يقول ما من ليلة الا وينزل فيها نثار من السماء الى الارض يفرق على المستيقظين. وكان يقول والله ما لى خيره الا فى فى الوحدة فياليتنى لم أعرف أحدا ولم يعرفنى أحد. وكان t يقول ما نظر أحد الى الخلائق ووقف مع نظرهم فى العبادات الا سقط من عين الله عز وجل. وكان t يقول من شرط الفقير أن لا يكون له نظر فى عيوب الناس. وكان يقول كم طيرت طقطقة النعال حول الرجال من رأس وكم أذهبت من دين.
وكان t يقول من تمشيخ عليكم فتتلمذوا له فان مد يده اليكم لتقبلوها فقبلوا رجله ومن تقدم عليكم فقدموه وكونوا آخر شعرة فى الذنب، فان الضربة أول ما تقع فى الرأس. وكان t يقول : وعدنى ربى أن لا أعبر عليه وعلى شئ من لحم الدنيا قال يعقوب الخادم ففنى لحمه بأجمعه قبل خروجه من الدنيا. وكان يقول أن العبد اذا تمكن من الاحوال بلغ محل القرب من الله تعالى وصارت همته خارقة للسبع السموات وصارت الارض كالخلخال برجله وصار صفة من صفات الحق جل وعلا لا يعجزه شئ وصار الحق تعالى يرضى لرضاه ويسخط لسخطه ويدل لما قلناه ما ورد فى بعض الكتب الالهية يقول الله عز وجل يا بنى آدم أطيعونى أطعكم واختارونى أختركم وارضوا عنى أرض عنكم وأحبونى أحبكم وراقبونى أراقبكم وأجعلكم تقولون للشئ كن فيكون. يا بنى آدم من حصلت له حصل كل شئ ومن فقه فاته كل شئ قلت وقوله وصار صفة من صفات الحق تعالى لعله يريد التخلق والاتصاف بصفاته تعالى من الحلم والصفح والكرم لأنه لا يصح لأحد أن يكون عين صفات الحق فهو كقوله فبى يرى وبى يسمع وبى ينطق وما أشبه ذلك.
وكان t اذا صعد الكرسى لا يقوم قائما، وانما يتحدث قاعدا. وكان يسمع حديثه البعيد مثل القريب. حتى ان أهل القرى التى حول أم عبيدة، كانوا يجلسون على سطوحهم يسمعون ــ صوته ويعرفون جميع ما يتحدث به. حتى كان الأطرش والأصم اذا ــ حضروا يفتح الله أسماعهم لكلامه. وكانت أشياخ الطريقة ــ يحضرونه ويسمعون كلامه وكان أحدهم يبسط حجره فاذا فرغ سيدى أحمد t ضمو أحجارهم الى صدورهم وقصوا الحديث اذا رجعوا على أصحابهم على جليته قلت هذا يشبه ما وقع على ابراهيم الخليل عليه الصلاة السلام، من النداء لما بنى البيت، فانه قال يارب كيف أسمع جميع الخلائق، فأوحى الله تعالى اليه يا ابراهيم عليك النداء وعلينا البلاغ. فنادى ابراهيم بالحج فأجابوه فى الاصلاب من سائر أقطار الارض البعيد مثل القريب. فالبلاغ من الله تعالى، لا من ابراهيم. فان البشرية لا تقدر على ذلك. وكان t يقول اذا أراد الله عز وجل أن يرقى العبد الى مقامات الرجال، يكلفه بأمر نفسه أولا، فاذا أدب نفسه واستقامت معه كلفه بأهله. فان أحسن اليهم وأحسن عشرتهم كلفه بجيرانه وأهل محلته، فان هو أحسن اليهم وداراهم. كلفه ببلده فان هو أحسن اليهم وداراهم، كلفه جهة من البلاد، فان هو داراهم وأحسن عشرتهم، وأصلح سريرته مع الله تعالى كلفه ما بين السماء والارض فان ما سينهن خلقا لا يعلمهم الا الله تعالى. ثم لايزال يرتفع من سماء الى سماء، حتى يصل الى محل القوت، وثم ترتفع صفته الى أن تصير صفة من صفات الحق تعالى. وأطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة ولا تخضر ورقة الا بنظره وهناك يتكلم عن الله تعالى بكلام لا يسعه عقول الخلائق. لأنه بحر عميق وغرق فى ساحله خلق كثير. وذهب به ايمان جماعة من العلماء والصلحاء. فضلا عن غيرهم. وكان t يقول لولده صالح : ان لم تعمل بعلمى فلست لك أبا. ولا أنت لى ولدا. وكان t يقول اللهم اجعلنا ممن فرشوا على بابك لفرط ذلهم نواعم الخدود ونعيبوا رؤسهم من الخجل وجباههم للسجود ببركة صاحب اللواء المحمود أمين. وكان اذا جلس على جسمه بعوضه لا يطيرها ولا يمكن أحدا يطيرها ويقول دعوها تشرب من الدم الذى قسمه الحق تعالى لها. وكان اذا جلس على ثوبه جرادة وهو مار فى الشمس وجلست على محل الظل يمكث لها حتى تطير. ويقول انها استظلت بنا. وكان اذا نام على كمه هره وجاء وقت الصلاة يقطع كمه من تحتها ولا يوقظها. فاذا جاء من الصلاة أخذ كمه وخاطبه ببعضه، ووجد t مرة كلبا أجرب أخرجه أهل أم عبيده الى محل بعيد فخرج معه الى البرية وضرب عليه مظله وصار يطليه بالدهن ويطعمه ويسقيه ويحت الجرب منه بخرقه فلما برئ حمل له ماء ساخنا وغسله وكان قد كلفه الله تعالى بالنظر فى أمر الدواب والحيوانات.
وكان t اذا رأى فقيرا يقتل قملة أو برغوثا يقول له لا أخذك الله شفيت غيظك بقتل قملة. وقد سمع مرة رجلا يقول ان الله تعالى له خمسة آلاف اسم فقال ان لله تعالى أسماء بعدد ما خلق من الرمال والاوراق وغيرها. وكان t يمشى الى المجذوبين والزمنى بغسل ثيابهم ويفلى رؤسهم ولحاهم ويحمل اليهم الطعام ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء. وكان t يقول الزيارة لمثل هؤلاء واجبة لا مستحبة. ومر يوما على صبيان يلعبون فهربوا منه هيبه فتبعهم وصار يقول لهم اجعلونى فى حل فقد روعتكم ارجعوا الى ما كنتم عليه. ومر يوما على صبيان يتخاصمون فجلبن بينهم وقال لواحد منهم ابن من أنت فقال له وايش فضولك فصار يرددها ويقول أدبتنى يا ولدى جزاك الله خيرا. وكان يبتدئ من لقيه بالسلام حتى الانعام والكلاب وكان اذا رأى خنزيرا يقول له أنعم صباحا. فقيل له فى ذلك فقال أعود نفسى الجميل. وكان اذا سمع بمريض فى قرية ولو على بعد يمضى اليه يعوده ويرجع بعد يوم أو يومين وكان يخرج الى الطريق ينتظر العميان حتى اذا جاؤا يأخذ بأيديهم ويقودهم وكان اذا رأى شيخا كبيرا يذهب الى أهل حارته، ويوصيهم عليه، ويقول : قال النبى e من أكرم ذا شيبة يعنى مسلما سخر الله له من يكرمه عند شيبته وكان اذا قدم من السفر وقرب من أم عبيده يشد وسطه ويخرج حبلا مدخرا معه ويجمع حطبا ثم يحمله على رأسه فاذا فعل ذلك فعل الفقراء كلهم مثله فاذا دخل البلد فرق الحطب على الارامل والمساكين والزمنى والمرضى والعميان والمشايخ وكان t لا يجازى قط بالسيئة. وكان اذا تجلى الحق تعالى عليه بالتعظيم يذوب حتى يكون بقعة ماء ثم يتداركه اللطف فيصير يجمد شيئا فشيئا حتى يرد الى جسمه المعتاد ويقول لولا لطف الله تعالى بى ما رجعت اليكم.
ولقيه مرة جماعة من الفقراء فسبوه وقالوا له يا أعور يا دجال وقال من يستحل المحرمات يا من يبدل القرآن يا ملحد يا كلب فكشف سيدى أحمد t رأسه وقبل الأرض وقال يا أسيادى اجعلوا عبيدكم فى حل وصار يقبل ايديهم وأرجلهم ويقول ارضوا على وحلمكم يسعنى فلما أعجزهم قالوا ما رأينا قط فقير مثلك تحمل هذا كله ولا يتغير فقال هذا ببركتكم ونفحاتكم ثم التفت الى أصحابه وقال ما كان الا خيرا أرحناهم من كلام كان مكتوما عندهم وكنا نحن أحق بهم من غيرنا فربما لو وقع منهم ذلك لغيرنا ما كان يحملهم. وأرسل اليه الشيخ ابراهيم البستى كتابا يحيط عليه فيه فقال سيدى أحمد t للرسول اقرأه لى فقرأه فاذا فيه أى أعور أى دجال أى مبتدع يا من جمع بين الرجال والنساء حتى ذكر الكلب بن الكلب وذكر أشياء تغيظ فلما فرغ الرسول من قراءة الكتاب أخذ سيدى أحمد t وقرأه وقال صدق فيما قال جزاه الله عنى خيرا ثم أنشد :
فلست أبالى من زمانى بريبه اذا كنت عند الله غير مريب
ثم قال للرسول اليه الجواب من هذا اللائى حميد الى سيدى الشيخ ابراهيم البستى t أما قولك الذى ذكرته فان الله تعالى خلقنى كما يشاء وأسكن فى ما يشاء وأنى أريد من صدقاتك أن تدعو لى ولا تخلينى من حلك وحلمك فلما وصل الكتاب الى البستى هام على وجهه فما عرفوا الى أين ذهب. وكان t اذا علم أن الفقراء يريدون أن يضربوا أحدا من اخوانهم لزلة وقعت منه أخذ ثيابه ويلبسها وينام فى موضعه فيضربونه فاذا فرغوا من ضربه واشتقوا منه يكشف لهم عن وجهه فيغشى عليهم فيقول لهم ما كان الا الخير اكتسبتمونا الأجر والثواب فيقول بعض الفقراء لبعضهم تعلموا هذه الاخلاق. وقال t لأصحابه يوما من رأى فى حميد منكم عيبا فليعلمه به فقام شخص فقال يا سيدى فيك عيب عظيم فقال وما هو يا أخى فقال كون مثلنا من أصحابك فبكى الفقراء وعلا نحيبهم وبكى سيدى أحمد معهم وقال أنا خادمكم أنا دونكم وكان لسيدى أحمد شخص ينكر عليه وينقصه فى نواحى أم عبيده فكان كلما لقى فقيرا من جماعة سيدى أحمد الرفاعى t يقول خذ هذا الكتاب الى شيخك فيفتحه سيدى أحمد فيجد فيه أى ملحد أى باطل أى زنديق وأمثال ذلك من الكلام القبيح ثم يقول سيدى أحمد t صدق من أعطاك هذا الكتاب ثم يعطى الرسول دريهمات ويقول جزاك الله عنى خيرا كنت سببا لحصول الثواب فلما طال الأمر على ذلك الرجل وعجز عن سيدى أحمد مضى اليه فلما قرب من أم عبيدة كشف رأسه وأخذ مئزره وجعله فى وسطه وأمسكه انسان وصار يقوده حتى دخل المدخل على سيدى أحمد فقال ما أحوجوك يا أخى الى هذا فقال فعلى فقال له سيدى أحمد t ما كان الا الخير يا أخى ثم طلب أخذ العهد عليه فأخذه عليه وصار من جملة أصحابه الى أن مات. وكان t يقول اذا قمت الى الصلاة كان سيف القهر يجذب فى وجهى. وكان t يقول ما يحصل للعبد صفاء الصدر حتى لا يبقى فيه شئ من الخبث لا لعدو ولا لصديق ولا لأحد من خلق الله عز وجل. وهناك تستأنس الوحوش بك فى غياضها والطير فى أوكارها ولا تنفر منك ويتضح لك سر الحاء والميم. وقال له شخص من تلامذته يا سيدى أنت القطب فقال نزه شيخك عن القطبيه فقال له وأنت الغوث فقال نزه شيخك عن الغوثية، قلت وفى هذا دليل على أنه تعدى المقامات والاطوار لأن القطبية والغوثية مقام معلوم ومن كان مع الله وبالله فلا يعلم له مقام وانه كان له فى كل مقام مقام. قال يعقوب الخادم t ولما مرض سيدى أحمد t مرض الموت قلت له تجلى العروس فى هذه المرة قال نعم فقلت له لماذا فقال جرت أمور اشتريناها بالارواح وذلك انه أقبل على الخلق بلاء عظيم فتحملته عنهم وشربته بما بقى من عمرى فباعنى وكان يمرغ وجهه وشيبته على التراب ويبكى ويقول العفو ويقول اللهم اجعلنى سقف البلاء على هؤلاء الخلق. وكان مرض الشيخ t بالبطن فكان يخرج منه كل يوم ما شاء الله فبقى المرض بالشيخ شهرا فقيل له من اليك هذا ولك عشرون يوما لا تأكل ولا تشرب فقال يا أخى هذا اللحم يندفع ويخرج ولكن قد ذهب اللحم وما بقى الا المخ اليوم يخرج وغدا نعبر على الله تعالى فخرج منه شئ أبيض مرتين أو ثلاثا وانقطع ثم توفى يوم الخميس الظهر ثانى عشر جمادى الاولى سنة سبعين وخمسمائة وكان يوما مشهودا. وكان آخر كلمة قالها أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ودفن فى قبر الشيخ يحيى البخارى. وكان شافعى المذهب قرأ كتاب التنبيه للشيخ أبى أسحق الشيرازى وما تصدر قط فى مجلس ولا جلس على شئ الا تواضعا. وكان لا يتكلم الا يسيرا ويقول أمرت بالسكوت t. (1)
ـــــــــــــــــــــــــــ