نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا سلطان العلماء العز بن عبد السلام  829894
ادارة المنتدي سلطان العلماء العز بن عبد السلام  103798
نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا سلطان العلماء العز بن عبد السلام  829894
ادارة المنتدي سلطان العلماء العز بن عبد السلام  103798
نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها

العارفة بالله نور الصباح
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
المواضيع الأخيرة
» حول أوراد الشيخة صباح رضي الله عنها
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 02, 2020 7:52 pm من طرف الأستاذ

» نبذه عن اهل بيت خلافة جدتنا نور الصباح
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء فبراير 07, 2018 1:49 pm من طرف صاحب السماحة

» دعوة لتمريض الظالم المعتدى
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء يناير 17, 2018 4:35 am من طرف لغة العيون

» تقوية روحانية الكشف+الاستغناء عن التريض لبعض الابواب
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء يناير 17, 2018 4:16 am من طرف لغة العيون

» بعد ان تقرأه ..هل ستعصى الله..؟؟ دعوة
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء يناير 17, 2018 3:38 am من طرف لغة العيون

» اسرار آية الكرسي سيدة آي القرآن
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء يناير 17, 2018 3:35 am من طرف لغة العيون

» كيفية القراءة علي الماء والزيت
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالأربعاء يناير 17, 2018 2:53 am من طرف لغة العيون

» فوائد عدة جربتها شخصياً وأتت بنتيجة طيبة ....فوائد عدة جربتها شخصياً وأتت بنتيجة طيبة ....
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالثلاثاء يناير 16, 2018 10:26 pm من طرف لغة العيون

» تعريف بفضل كنوز الاسرار (هدية)
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالثلاثاء يناير 16, 2018 10:25 pm من طرف لغة العيون

» هاتف-- سريع
سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالثلاثاء يناير 16, 2018 9:57 pm من طرف لغة العيون

الشريف الشيخ صديق المندوه رضى الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن ملايين المسلمين يُصَلُّون كل يوم خمس مرات على الأقل، ويقول كل واحد منهم في صلاته: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد". ومعنى هذا أن الصلاة على سيدنا محمد وعلى آله تتكرر كل يوم مئات الملايين، ومحمد صلى الله عليه وسلم أشهر من أن يُعرَّف، لكن ما معنى الصلاة عليه؟! ومن هم آله الذين نصلي عليهم معه في صلاتنا؟! إن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم معناها طلب الرحمة ومزيد اللطف له من الله تعالى، وكذلك الصلاة على أي إنسان، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) الأحزاب/43.فالصلاة من الله الرحمة، والصلاة على أي إنسان طلب لتلك الرحمة، ولذا نصلي على الميت؛ أي:نطلب له الرحمة، أما صلاتنا لله فهي عبادة، ولا تكون العبادة إلا لله، قال الله تعالى:(فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف/110.والله تعالى غني عن عبادتنا، ونبيه صلى الله عليه وسلم غني عن دعائنا، لكننا نعبر بعبادتنا لله عن الإيمان به واحدًا أحدًا، نحبه ونرجو رحمته ونخشى عذابه، ونعبِّرُ بصلاتنا على رسوله صلى الله عليه وسلم عن محبته والإيمان بنبوته والانتساب إلى أمته. وإنما كان صلى الله عليه وسلم غنياً عن صلاتنا؛ لأن الله تعالى وملائكته يُصلُّون عليه، وفسح الله لنا المجال لنشارك في الصلاة عليه تشريفاً لنا، قال الله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب/56.وقد استجاب المسلمون لهذه الدعوة، وشرفوا بقبول هذا التكريم، فما ينطق أحدهم باسم محمد صلى الله عليه وسلم إلا وينطق بالصلاة والسلام عليه، فهي عبادة لله طلبها منا معشر المسلمين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الأحزاب/56؛ ولذا حرص الصحابة رضوان الله عليهم على أن يتعلموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تعلموا منه سائر العبادات.روى البخاري ومسلم عن أبي محمد كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك -أي السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته- فكيف نصلي عليك؟ قال:(قولوا:اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).

رسالة ترحيب
بيت عموم السادة آل المندوه الأحمدية الدسوقية الشاذلية
خلفاء العارفة بالله السيدة نور الصباح رضى الله عنها
يرحب بكم على المنتدى الرسمى
للعارفة بالله السيده نور الصباح
سماحة السيد الشريف الشيخ
صديق السيد السيد المندوه الحسنى الحسينى الهاشمى
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط نور الصباح على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها على موقع حفض الصفحات
المواضيع الأكثر نشاطاً
صورمقام السيده نور صباح رضى الله عنها وأرضاها
فوائد عدة جربتها شخصياً وأتت بنتيجة طيبة ....فوائد عدة جربتها شخصياً وأتت بنتيجة طيبة ....
نبذة مختصرة عن نور الصباح
المدد العلوى فى سيرة السيد احمد البدوى
نبذه عن اهل بيت خلافة جدتنا نور الصباح
تعريف بفضل كنوز الاسرار (هدية)
مبرووك علينا تشريف السيده الفاضله محبة المصطفى فى المنتدى و تنصيبها منصب المشرف العام
المرحلة الاولى فى الاوراد
صَفحَآت مُشْرِقَة فِي حَيآة أَم الْمُؤْمِنِيْن عَآئِشَة.. رَضِي الْلَّه عَنْهَآ
الزهراء ..... زهرة القلب المحمدي

 

 سلطان العلماء العز بن عبد السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Empty
مُساهمةموضوع: سلطان العلماء العز بن عبد السلام    سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالسبت أبريل 16, 2011 4:30 am




لماذا سلطان العلماء ؟

قد يتساءل البعض قائلاً: لماذا نتحدث عن حياة هذا الإمام؟ ولماذا هو سلطان العلماء؟
إن اهتمامنا بدراسة سيرة هذا الإمام -وغيره من العلماء- يرجع السبب فيه إلى أن التاريخ يعيد نفسه؛ فأحداث الأمس هي نفسها أحداث اليوم، والمواقف المنتظرة من رجال اليوم، هي المواقف التي كان يفعلها رجال الأمس، والأمة تمر بها أزمات متكررة في عصورها المتعاقبة تحتاج فيها إلى أن ترجع إلى ماضيها، وتعيد النظر فيه. بالله سَلْ خَلْفَ بَحْرِ الرُّومِ عَنْ عَرَبٍبالأمس كانوا هنا واليوم قد تاهواالله يعلـم ما قلَّبْتُ سيـرتهـميومًا وأخطـأ دَمْعُ العَيْـنِ مجراهاستَرْشَـدَ الغَرْبُ بالماضي فَأَرْشَدَهُونحـن كانَ لنـا ماضٍ نسينـاهإن علينا أن نعود إلى ماضينا، نستلهم منه الدرس والعبرة ونستنطق مواقف أئمة الهدى ومشايخ الإسلام.
وأما فيما يتعلق بهذا اللقب الذي اخترته عنوانًا للرسالة وهو: "سلطان العلماء" فقد لُقِّب به من قِبَل أحد تلاميذه وهو الشيخ المعروف الإمام ابن دقيق العيد، ولهذا اللقب سرّ معروف يتّضح من خلال هذه الرسالة.



حياته وعصره


إنّ الشيخ الإمام العز.بن.عبد.السلام عاش في الشام، ثم في مصر، وعايش دولة بني أيوب التي أنشأها صلاح الدين، وكانت دولة قوية، ولكن في آخر عصرها تنافس أمراؤها على الملك، وأصبح بعضهم يقاتل بعضًا، حتى لجأ بعضهم إلى التحالف مع الصليبيين النصارى من أجل أن يتفرغ لقتال إخوانه، وبني عمه، ثم كان في آخر دولتهم أن حكمتهم امرأة، ولأول مرة في تاريخ الإسلام يملك المسلمين امرأة، وكانت تسمى "شجرة الدر"، ولما مات زوجها أخفت خبر وفاته وعَيَّنَت رجلاً يحكم بالاسم، وكانت هي تدير الأمور، وظلت على هذا الحال ثلاثة أشهر تقريبًا، حتى امتعض الناس من هذا الأمر وغضبوا، ثم تنازلت هي عن هذا الأمر وعاد الحق إلى نصابه




شجاعته وجرائته في الحق

لعلّ أبرز الجوانب في شخصية هذا الإمام، هو ما يتعلق بالشجاعة والجرأة التي كان يتميز بها في قول كلمة الحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
لقد جدّد السلطان العز.بن.عبد.السلام الإنكار العملي على السلاطين والأمراء، وكان ينكر عليهم أحياناً علنًا وأمام العامة لاسيما المنكر العلني، ولا يخاف في الله لومة لائم.
إن الشجاعة والجرأة في الحق هو الهدي والسمت الذي كان موجودًا عند الصحابة - رضي الله عنهم -والتابعين، فمثلاً لما جاء مروان بن الحكم وغيّر بعض سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقدّم خطبة العيد على الصلاة، وأخرج المنبر خارج المسجد، قام أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - وأنكر عليه؛ بل إنه أوقفه وجرّه بثوبه، ففي الصحيحين أنّ أبا سعيد - رضي الله عنه - قال: "خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيّرتم والله، فقال: أبا سعيد، قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم -وقال في رواية مسلم: كلاّ، والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم-، فقال مروان: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة
وكذلك قام رجل آخر وأنكر على هذا الأمير، فأقرّه أبو سعيد - رضي الله عنه - على ذلك، فعن طارق بن شهاب قال: "أول من قدّم الخطبة قبل الصلاة مروان، فقام رجل فقال لمروان: خالفت السنة، فقال: يا فلان، ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أما هذا فقد قضى ما عليه فجدَّد العز.بن.عبد.السلام هذا الهدي والسمت الذي كان معروفًا عند الصحابة والتابعين والأئمة المهديين، فكان ينكر على هؤلاء العِلْية من القوم وعلى السلاطين وغيرهم علانية، ولم يكن يعتقد أن في هذا ضررًا ولا فتنة، كان يدرك أن في الإنكار العلني، وقول كلمة الحق، والصدع بها، فوائد عديدة.

فوائد الإنكار العلني:
إن الإنكار العلني، والصدع بكلمة الحق له فوائد كثيرة وعظيمة، لعلّ من أهمها:
أولاً: أن يُعذر العالم، فيعرف الناس أنه قال وتكلم وأمر ونهى فلم يُطَع فيعذر، ولا يكون مجالاً لحديث الناس، أن يقولوا: داهَنَ ونافَقَ وسكت عن الحق، ولا يعرفون أنه قال بِمِلْءِ فيه فلم يُسْتَجَبْ له.
ولقد مررت بعدد من بلاد الإسلام في أقاصي الأرض؛ بل وبغيرها من البلاد الكافرة التي يوجد بها بعض المسلمين، ووجدت أن المسلمين هناك يعتبون كثيرًا على علماء الأمة، فيقولون: إنه حصل كذا، وحصل كذا، وحصل كذا، وما سمعنا كلمة حق.
إذن العالم إذا قالها صريحة واضحة فإن ذلك يكون عذرًا له عند الناس.
ثانيًا: التفاف العامة حول هذا العالم، فالناس إذا رأوا العالم يقول كلمة الحق بقوة وشجاعة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر التفوا حوله، وأحاطوا به، وأخلصوا له الودّ، ووقفوا معه؛ لأنهم سيعرفون حينئذ أنه عالم يريد وجه الله والدار الآخرة، ليس له مطامع ولا مقاصد، وأنه بذل نفسه في سبيل الله - عز وجل -.
فمن أجل ذلك يحيطون به، ويلتفون حوله، وفي هذا حفظ لهم وصيانة لاجتماعهم، بخلاف إذا لم يكونوا يعلمون بما يقول ويفعل؛ فإنهم قد يتهمونه، ويسوء ظنهم به، فيبقى العالم منفردًا، لا يستجيب له أحد، ولا ينتفع بعلمه أحد.
ثالثًا: تشجيع الآخرين على الإنكار؛ فإن كثيرًا من الناس يقولون: إذا سكت العالم فغيره من باب أولى، وكذلك إذا سكت طالب العلم فغيره من باب أولى؛ ولذلك كان العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - يصدع بها عالية مدوية، وفي ملأ من الناس؛ ليفتح الطريق للآخرين ويقودهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يخاف في الله لومة لائم.
رابعًا: قبول الحق، فإنّ الحق إذا قيل علنًا، وأُمِر بالمعروف، ونُهي عن المنكر من قِبَل عالم موثوق معروف بصدق وإخلاص، وأنه لا يريد الحياة الدنيا ولا زينتها، ولا يبغي علوًّا في الأرض ولا فسادًا، كان إعلانه بذلك سببًا في قبول الحق الذي قال به، والإذعان له.
خامسًا: رفع مسـتوى الأمة، وعدم حجب الحقائق عنها، بمعنى أن العالم إذا جهر بالحق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، كأنه يقول للأمة كلها: أنتم الحَكَم بيني وبين خصمي، فأنا أقول الحقَّ وأنتم تسمعون وتحكمون، فالأمة يرتفع مستواها حينئذ، وتصبح أمة مؤثِّرة قوية كل فرد منها له قيمته، ومكانته، وله رأيه، وكلمته، وليسوا مجرد أتباع، يؤمِّنون، ويؤيِّدون، ولا يعرفون هذا من ذاك، ولا يستطيعون أن يشاركوا بالرأي والمشورة، ولأصبحت الأمة قوية لها ثقل، ولها مكان، وهذا لا يكون إلا إذا أشركها العلماء في أمورهم، وأَمْرهم ونَهْيهم، وصدعهم بالحق، وجعلوا الأمة تشارك معهم في هذا العمل، فلا يحجبون الحقائق عن الأمة بحجة أن الناس رعاع، والناس همج، والناس فيهم وفيهم.
إنّ كثيرًا من العلماء كانوا يعلنون الحقيقة كاملة للناس، ويجعلون الناس يتبنون الدفاع عن الحق بمجرد أن قاله العالم ونطق به.
وكان العز.بن.عبد.السلام من العلماء الذين يسلكون هذا المنهج ولا يرون مانعًا شرعيًّا منه .
العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - كان ينطلق من مبدأ صريح، وموقف واضح عَبَّر عنه في كلام له حيث قال: "فإنّا نزعم أنا من جملة حعيب الله - عز وجل -، وأنصار دينه وجنده، والجندي إذا لم يخاطر بنفسه فليس بجندي" إذًا ليس صحيحًا أن يدّعي الإنسان أنه جندي من جنود الله - عز وجل - مجاهد في سبيل الله، آمر بالمعروف، ناهٍ عن المنكر، ثم لا يخاطر بنفسه في هذه السبيل -ولو مرة واحدة- هذا لا يكون أبدًا، فالذي يريد السلامة لا يكون جنديًّا ولا يلبس لباس الجندية، وإنما يجلس في بيته، ويؤثر سلامة نفسه وبدنه.
هذه هي طريقة العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله

مواقفه العظيمه

لقد كان لهذا الإمام الجليل مواقف في غاية العجب، وهذه المواقف العظيمة لولا أنها مُسَطَّرة في الكتب لقلنا: إنها خيال من الخيال، لكنها مكتوبة، والذين كتبوها هم من العلماء الذين عاصروه وعاشروه وعاشوا معه.
ومن هذه المواقف العجيبة:
موقفه مع الملك الصالح إسماعيل:

عندما كان العز.بن.عبد.السلام في دمشق كان الحاكم رجلاً يقال له: "الملك الصالح إسماعيل" من بني أيوب، فولّى العز.بن.عبد.السلام خطابة الجامع الأموي، وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل هذا بالتحالف مع النصارى الصليبيين، أعداء الله ورسله، فحالفهم وسلّم لهم بعض الحصون، كقلعة الشَّقِيف ، وصَفَد وبعض الحصون، وبعض المدن وذلك من أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر.
فلما رأى العز.بن.عبد.السلام هذا الموقف الخائن الموالي لأعداء الله ورسله - عليهم السلام- ، لم يصبر فصعد على المنبر، وتكلّم وأنكر على الصالح إسماعيل تحالفه مع الصليبيين، وقالها له صريحة، وقطع الدعاء له في الخطبة، بعدما كان اعتاد أن يدعو له ، وختم الخطبة بقوله: "اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا تُعِزُّ فيه وليَّك، وتُذِلُّ فيه عدوَّك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر". ثم نزل.
وعرف الأمير الملك الصالح إسماعيل أنه يريده، فغضب عليه غضبًا شديدًا، وأمر بإبعاده عن الخطابة، وسجنه، وبعدما حصل الهرج والمرج، واضطرب أمر الناس، أخرجه من السجن ومنعه من الخطبة بعد ذلك
وخرج العز.بن.عبد.السلام من دمشق مغضبًا إلى جهة بيت المقدس، وصادف أن خرج الملك الصالح إسماعيل إلى تلك الجهة أيضًا والتقى أمراء النصارى قريبًا من بيت المقدس، فأرسل رجلاً من بطانته وقال له: اذهب إلى العز.بن.عبد.السلام، ولاطِفْهُ ولايِنْهُ بالكلام الحسن، واطلب منه أن يأتي إليّ، ويعتذر مني، ويعود إلى ما كان عليه، فذهب الرجل إلى العز.بن.عبد.السلام وقال له: ليس بينك وبين أن تعود إلى منصبك وأعمالك وزيادة على ما كنت عليه، إلا أن تأتي وتُقَبِّل يد السلطان لا غير، فضحـك العز.بن.عبد.السلام ضحكة السـاخر وقال: "يا مسكين، والله ما أرضى أن يُقَبِّلَ الملك الصالح إسماعيل يدي فضلاً عن أن أُقَبِّلَ يده، يا قومُ أنا في واد، وأنتم في واد آخر، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به".
قال: إذًا نسجنك، فقال: "افعلوا ما بدا لكم". فأخذوه وسجنوه في خيمة، فكان يقرأ فيها القرآن ويَتَعَبَّد ويذكر الله تعالى.
وفي إحدى المرات كان الملك الصالح إسماعيل قد عقد اجتماعاً مع بعض زعماء النصارى الصليبيين، كان اجتماعهم قريباً من العز.بن.عبد.السلام بحيث يسمعون قراءته للقرآن، فقال: هل تسمعون هذا الذي يقرأ؟ قالوا: نعم. فقال متفاخرًا: هذا هو أكبر قساوسة المسلمين سَجَنَّاه؛ لأنه اعترض علينا في محالفتنا لكم، وتسليمنا لكم بعض الحصون والقلاع، واتفاقنا معكم على قتال المصريين.
فقال له ملوك النصارى: والله لو كان هذا القسيس عندنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقته!
لو كان عندنا رجل بهذا الإخلاص للأمة وبهذه القوة، وبهذه الشجاعة لكُنَّا نغسل رجليه، ولشَرِبْنا الماء الذي غسلنا به رجليه، فأصيب الملك إسماعيل بالخيبة والذلِّ، وكانت هذه بداية هزيمته وفشله، وجاءت جنود المصريين، وانتصرت عليه وعلى من كانوا متحالفين معه من الصليبيين، وأفرجت عن الإمام العز.بن.عبد.السلام.
هذا موقف صرّح فيه العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رؤوس المنابر، ورأى أن هذا الذي يسعه، مع أنه كان يستطيع غير ذلك، ولكنه رأى أن هذا هو الأسلوب المناسب، خاصة أن الصليبيين في تلك الوقعة دخلوا شوارع دمشق ومدنها، وتجوَّلوا في أسواقها ودكاكينها، وكانوا يشترون الأسلحة من المسلمين؛ ولذلك وُجِّه إليه الاستفتاء: هل يجوز أن نبيع السلاح للنصارى؟
فأفتى - رحمه الله - بأن بيع السلاح إليهم لا يجوز؛ لأن من يبيعهم السلاح يعلم أنهم سوف يصوِّبون هذه الأسلحة إلى صدور المسلمين.
موقفه مع الصالح أيوب:
خرج العز.بن.عبد.السلام بعد ذلك إلى مصر، واستقبله نجم الدين أيوب، وأحسن استقباله، وجعله في مناصب ومسؤوليات كبيرة في الدولة.
وكان المتوقع أن يقول العز.بن.عبد.السلام: هذه مناصب توليتها، ومن المصلحة أن أحافظ عليها حفاظًا على مصالح المسلمين، وألاَّ أعكِّر ما بيني وبين هذا الحاكم، خاصة أن الملك الصالح أيوب -مع أنه رجل عفيف وشريف- إلا أنه كان رجلاً جبارًا مستبدًّا شديد الهيبة، حتى إنه ما كان أحدٌ يستطيع أن يتكلم بحضـرته أبدًا، ولا يشفع لأحد، ولا يتكلم إلا جوابًا لسؤال، حتى إن بعض الأمراء في مجلسه يقولون: والله إننا دائمًا نقول ونحن في مجلس الملك الصالح أيوب: لن نخرج من المجلس إلا إلى السجن؛ فهو رجل مهيب، وإذا سجـن إنسانًا نسيـه، ولا يستطيع أحد أن يكلِّمه فيه، أو يذكره به، وكان له عظمة وأبهة، وخوف وذعر في نفوس الناس، سواءً الخاصة منهم والعامة، فماذا كان موقف العز.بن.عبد.السلام معه؟
في يوم العيد خرج موكب السلطان يجوس في شوارع القاهرة، والشرطة مصطفّون على جوانب الطريق والسيوف مُصْلتة، والأمراء يقبّلون الأرض بين يدي السلطان هيبة وأبهة -وهذه كانت عادة سيئة موجودة عند الأمراء في ذلك الوقت-، وهنا وقف العز.بن.عبد.السلام وقال: يا أيوب؛ هكذا باسمـه مجردًا بلا ألقاب، فالتفت الحاكم ليرى: من الذي يخاطبه باسمه الصريح، بلا مقدمات، ولا ألقاب؟ ثم قال له العزّ: ما حُجَّتُك عند الله - عز وجل - غدًا إن قال لك: ألم أُبَوِّئْكَ ملك مصر، فأبحت الخمور؟ فقال: أويحدث هذا في مصر؟ قال: نعم، في مكان كذا، وكذا، حانة يباع فيها الخمر وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلّب في نعمة هذه المملكة؟
فقال: يا سيدي، أنا ما فعلت هذا، إنما هو من عهد أبي. فَهَزَّ العز بن عبد السلام رأسه وقال: إذن أنت من الذين يقولون: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) [الزخرف:22]، فقال: لا، أعوذ بالله، وأصدر أمرًا بإبطالها فورًا، ومنع بيع الخمور في مصر
رجع العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - إلى مجلسه يعلِّم الطلاب، ويدرِّسهم، وكان يعلمهم مواقف البطولة، والشجاعة كما يعلمهم الحلال والحرام، ويعلمهم الغَيْرة على الدين مثل ما يعلمهم الأحكام؛ إذ ما قيمة أن يوجد طالب يحفظ القرآن والصحيحين والسنن، وكتب الفقه والحديث ومع ذلك هو ميت الغيرة على الإسلام، لا يغضب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يَتَمَعَّر وجْهُهُ إذا رأى المنكر، ويَتَطَلَّعُ لمنازل الصِّديقين والشهداء؟ ما قيمة هذا العلم؟
وعندما رجع العز.بن.عبد.السلام إلى مجلس درسه جاءه أحد تلاميذه يقال له: "الباجي" يسأل: كيف الحال؟ قال: بخير والحمد لله. قال: كيف فعلت مع السلطان؟ قال: يا ولدي، رأيت السلطان وهو في أبهة وعظمة، فخشيت أن تكبر عليه نفسه فتؤذيه، فأردت أن أهينها
إذن العز.بن.عبد.السلام أعلن هذا الأمر على الناس؛ لأنه يريد أن يربي السلطان، ويقصد إنكار مُنْكَرَيْن في وقت واحد:
المنكر الأول: الحانة التي يباع فيها الخمر.
والمنكر الثاني: هو هذا الغرور، وهذه الأبهة، والطغيان الذي بدأ يكبر في نفس الحاكم، فأراد أن يقتلعه، ويزيله من نفسه لذا قال العز: "لئلاّ تكبر عليه نفسه فتؤذيه". فقال له تلميذه الباجي: يا سيدي، أما خِفْتَه؟ قال: "لا والله يا بني، استحضرت عظمة الله - عز وجل - وهيبته فرأيت السلطان أمامي كالقط!".
لكن ما رأيكم في طالب علم أصبح يخاف حتى من القط؟ هل يأمر أو ينهى؟ كلا بالطبع.
لعل من أسباب قيام العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - باتخاذ هذه المواقف العلنيّة أن يجرَّ الأمة كلها إلى مواقف شجاعة قوية.
موقفه مع أمراء المماليك:

وهناك موقف آخـر يعدُّ من أعجب مواقفه - رحمه الله -، فقد كان المماليك هم الذين يحكمون مصر في عصر العز بن عبد السلام فالحكومة الحقيقية كانت في أيديهم، فقد كان نائب السلطنة مملوكيًّا، وكذلك أمراء الجيش والمسؤولون كلهم مماليك في الأصل وفيهم من لم يثبت تحرره من الرق.
وكان العز.بن.عبد.السلام كبير القضاة بمصر، فكان كلما جاءته رقعة فيها بيع أو شراء أو نكاح أو شيء من هذا للمماليك الذين لم يحرروا أبطلها وقال: هذا عبد مملوك، حتى لو كان أميرًا وكبيرًا عندهم أو قائدًا في الجيش يَرُدُّه، إذ لابد أن يُبَاع ويحرَّرَ، وبعد ذلك يُصَحِّحُ بيعهم وشراءهم وتصرفاتهم كلها، أما الآن فهم عبيد.
فغضب المماليك من هذا الإمام، وجاؤوا إليه وقالوا: ماذا تصنع بنا؟ قال: رددنا بيعكم، فغضبوا أشد الغضب ورفعوا أمره إلى السلطان، فقال: هذا أمر لا يعنيه.
فلمّا سمع العز.بن.عبد.السلام هذه الكلمة؟ قام وعزل نفسه من القضاء.
لقد كان من أهم جوانب قوة العز.بن.عبد.السلام أنه كان أكبر من المناصب، وأكبر من الوظائف، وأكبر من الأسماء؛ ولذلك ما كان يتطلع إليها أو يستمد قوته منها، إنما يستمد قوته من إيمانه بالله - عز وجل -، ومن وقفته إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدع بكلمة الحق، ثم من الأمة التي أعطته ثقتها واتباعها في الحق يصدع به.
ولذا أصبح العز.بن.عبد.السلام في حياتهم وقلوبهم هو تاج الزمان ودُرَّته، وأصبح هو أعظم عالم وداعية وإمام في العالم الإسلامي في وقته؛ فلذلك عزل نفسه عن القضاء؛ إذ كل أمور المسلمين تدخل تحت تصرّف القاضي، وهو لا يحكم فيها إلا بحكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قام العزّ بتصرف آخر مشابه، وهو أنه جمع متاعه وأثاث بيته واشـترى حمارين، ووضع متاعه على حمار، وأركب زوجته وطفله على الحمار الآخر، ومشى بهذا الموكب البسيط المتواضع يريد أن يخرج من مصر ويرجع إلى بلده الشام.
لكن الأمة كلها خرجت وراء العز.بن.عبد.السلام، حتى ذكر المؤرِّخون أنه خرج وراءه العلماء والصالحون والعباد، والرجال والنساء والأطفال، وحتى الذين لا يؤبه لهم -هكذا تقول الرواية- مثل: النجارين، والصباغين، والكناسين…، وخرج كل أصحاب الحرف والمهن -الشريفة والوضيعة-، الجميع خرجوا وراء العز بن عبد.السلام في موكب مهيب رهيب.
ثم ذهب بعض الناس إلى السلطان وقالوا له: من بقي لك تحكمه إذا خرج العز.بن.عبد.السلام، وخرجت الأمة كلها وراءه؟ ما بقي لك أحد، متى راح هؤلاء ذهب ملكك.
فأسرع الملك الصالح أيوب للعزّ، وركض يدرك هذا الموكب ويسترضيه ويقول له: ارجع ولك ما تريد، قال: لا أرجع أبدًا إلا إذا وافقتني على ما طلبت من بيع هؤلاء المماليك، قال: لك ما تريد، افعل ما تشاء.
رجع العز.بن.عبد.السلام وبدأ المماليك يحاولون معه ليغيّر رأيه؛ إذ كيف يباعون بالمزاد العلني، فأرسل إليه نائب السلطنة -وكان من المماليك- بالملاطفة فلم يفد معه هذا الأسلوب، فاقترح بعضهم قتل العز.بن.عبد.السلام، فذهب نائب السلطنة ومعه مجموعة من الأمراء، ثم طرق باب العز.بن.عبد.السلام، وكانت سيوفهم مصلتةً يريدون أن يقتلوه فخرج ولد العز.بن.عبد.السلام -واسمه عبد اللطيف-، فرأى موقفًا مهيبًا مخيفًا، فرجع إلى والده وقال: يا والدي انجُ بنفسك.. الموت، الموت، قال: ما الخبر؟ قال: الخبر كيت، وكيت.
فقال العز.بن.عبد.السلام لولده: يا ولدي، والله إن أباك لأحقر وأقل من أن يقتل في سبيل الله - عز وجل -.
ثم خرج مسرعًا إلى نائب السلطنة، فلمّا رآه نائب السلطنة يبست أطرافه، وتجمّد وأصابته حالة من الذعر والرعب، وأصبح يضطرب وسقط السيف من يده، واصفرَّ وجهه، وسكت قليلاً ثم بكى وقال: يا سيدي، خبِّر ماذا تعمل؟ قال العز: أنادي عليكم وأبيعكم. قال: تقبض الثمن؟ قال: نعم. قال: أين تضعه؟ قال: في مصالح المسلمين العامة، فطلب منه الدعاء وبكى بين يديه ثم انصرف.
وفعلاً فَعَلَها العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - قام وجمع هؤلاء، وأعلن عنهم، وبدأ يبيعهم، وكان لا يبيع الواحد منهم إلا بعدما يوصله إلى أعلى الأسعار، فلا يبيعه تَحِلَّةَ القسم، وإنما يريد أن يزيل ما في النفوس من كبرياء، فكان ينادي على الواحد بالمزاد العلني، وقد حكم مجموعة من العلماء والمؤرخين بأن هذه الواقعة لم يحدث مثيل لها في تاريخ البشرية كلها.
إن جميع الأمم على مدى تاريخ البشرية جمعاء إذا أتوا يفاخروننا، فإننا نفاخرهم بأئمة أفذاذ من أمثال العز
ابن عبد السلام، هاتوا لنا شخصية فكرية في الأمم كلها تقف مثل هذا الموقف؟
ولعل تاريخ الإسـلام كله لا يعرف فيه مثل هذا الموقف الذي حصل للعز بن عبد السلام - رحمه الله - رحمة واسعة.
وقد سجَّل هذا الموقف - بقلمه البـارع وأدبه الرفيع-، الأديب مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله - في كتابه "وحي القلم" تحت عنوان "أمراء للبيع"، وأَلَّف أحد المعاصرين كتابًا سماه: "العز.بن.عبد.السلام بائع الملوك".
إذن العز.بن.عبد.السلام كان شجـاعًا في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهر بكلمة الحق، وكان يرى أن يقول ذلك علانية، وصراحـة، ولا يداهـن، ولا يخاف في الله لومة لائم


محاربته للمنكرات

لم يكن العز.بن.عبد.السلام يكتفي بإنكار المنكر بلسانه فحسب؛ بل إن الأمر قد تعدّى إلى أنه كان يتولى بنفسه تغيير المنكرات وقد سبق ذكر شيء من ذلك.
موقفه مع الوزير فخر الدين:

يتبع ان شاء الله
...........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلطان العلماء العز بن عبد السلام    سلطان العلماء العز بن عبد السلام  Icon_minitimeالسبت أبريل 16, 2011 4:35 am



موقفه مع الوزير فخر الدين:
ومن أبرز المواقف التي تذكر في هذا الجانب: أن بعض تلاميذه أتوه في يوم من الأيام فقالوا له: إنه في مكان كذا، قام وزير كبير في دولة المماليك ويدعى فخر الدين ببناء طبلخانة -وهي: مكان مخصص للغناء والرقص والموسيقى والفساد- وكان هذا المكان بقرب أحد المساجد، وعندما تأكد العز.بن.عبد.السلام من صحّة هذا الخبر، جمع أولاده وبعض تلاميذه وذهب إلى المكان الذي يسمونه بالطبلخانة، وقام وأخذ الفأس، وبدأ في هدم هذا المكان هو ومن معه حتى سَوّوه بالأرض.
فهل اكتفى بهذا؟ لا؛ بل أصدر قرارًا بأن هذا الوزير ساقط العدالة، فلا تقبل شهادته، ولا يقبل منه أي خبر من الأخبار، وأعلن ذلك للناس، فسرعان ما تناقلت الأمة هذا الخبر عن العز بن عبد السلام.
وظن فخر الدين وغيره أن هذا الحكم بإسقاط عدالته لن يتأثر به فخر الدين إلا في مصر فقط، ولكنهم تعجّبوا أشد العجب حينما حدث خلاف ذلك، فقد أرسل ملك مصر "الملك الصالح" إلى الخليفة العباسي المستعصم ببغداد رسالة شفهية بواسطة أحد الأشخاص وعندما أبلغ هذا الرجل الرسالة إلى الخليفة المستعصم قال له الخليفة: هل سمعت هذه الرسالة من ملك مصر مباشرة؟ قال: لا، ولكن أبلغنيها الوزير فخر الدين عن الملك، فقال له الخليفة: إن هذا الوزير المذكور قد أسقط العز بن عبد السلام عدالته، ولا أقبل خبره، ارجع بهذه الرسالة، فلن أقبل هذا الخبر حتى تأتيني به من حاكم مصر مباشرة، فرجع الرسول إلى ملك مصر حتى شافهه بالرسالة ثم عاد إلى بغداد وأدّاها إلى الخليفة المستعصم.
وعندما وصل خبر ردّ الخليفة لرواية هذا الوزير وخبره، عرف الناس أن الأمة كلها مع العز.بن.عبد.السلام.
ولنا على هذه القصّة ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأولى: نلاحظ من هذه القصة: كيف أن الأمة كانت تواصل العلماء، وتخبرهم بما يجري وما يقع؛ فالعالم ليس كالشمس يشرق على هذه الدنيا كلها، ولذا يحتاج من تلاميذه وممن حوله أن يقولوا له: حصل كذا وحصل كذا، بحيث إن الأمة كلها تمد جسورها مع العالم وهذا أمر مهم وضروري للغاية.
الملاحظة الثانية: أنّ العز.بن.عبد.السلام كان يتولى بنفسه أحيانًا مباشرة تغيير المنكر باليد، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" والعز كان يستطيع أن يغير بيده فقد كان منصبه ومكانته تؤهله لذلك .
وتغييره - رحمه الله - باليد يعد مَوْقفًا وسطًا بين صورتين تقعان في كل زمان ومكان:
الأولى: صورة بعض المتعجلين الذين يقومون بتغيير المنكرات بأيديهم لكنهم ليس لديهم قوة، ولا مكانة، بحيث إن تغييرهم للمنكر قد يعود بنتائج سلبية، وهذا ما نلاحظه في هذا العصر في كثير من البلدان، يكون تغيير المنكر باليد -بإتلافه، أو إحراقه، أو هدمه، أو منع وقوعه- سببًا في مضاعفة المنكر.
الثانية: وهي صورة بعض طلبة العلم، والمحسوبين على الدعوة والخير، ممن إذا رأى المنكر طأطأ رأسه وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، وربما لا يمرّ على هذا المكان الذي شاهد فيه المنكر ثانية، ولا يبذل أيّ محاولة إيجابية لتغيير هذا المنكر. وبالطبع فإن الهروب من المنكر لا يعني أن المنكر زال، وقول: "إنا لله وإنا إليه راجعـون" هو قول طيب بلا شــك، وذِكْرٌ لله – عـز وجل -، ولكن يجب أن يُشفع ذلك ويؤيَّد بموقف إيجابي فعّال، يعمل على إزالة المنكر.
فكان موقف العز.بن.عبد.السلام موقفًا وسطًا بين هاتين الصورتين، فهو رجل متمكن له قوة وقدرة ولذا استطاع بها أن يغيّر المنكر بيده.
الملاحظة الثالثة: إن الذي جعل العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - يقف هذا الموقف هو أن الأمة كلها وراءه؛ ولذلك لما أصدر قرار إسقاط عدالة هذا الرجل، ما عاد أحد يقبل منه أي قول.
فإذا كانت الأمة فعلاً ملتفة حول علمائها وقادتها الشرعيين فإنها تكتسب بهم قوة، وتعيببهم قوة:
- أمّا العلماء فإن الواحد منهم يستطيع بتأييد الأمة له والتفافها حوله أن يأمر وينهى ويعلن الحق وينكر المنكر وإذا غضب غضبت له ألوف وألوف.
- من جهة أخرى فالأمة تتقوى بهم؛ لأن هؤلاء العلماء ما اكتسبوا مكانتهم إلا لأنهم كانوا هم المدافعون الحقيقيّون عن مصالح الأمة كما سيظهر ذلك في المبحث التالي.

مكانته عند الامه
لعلَّ من أبرز الجوانب التي نحتاج إلى أن نقف عندها في حياة العز.بن.عبد.السلام هي: مكانة العالم لدى الأمة عامها وخاصها جماهير الأمة، وسلاطينها وحكّامها.
لقد كان العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - حلقة وصل بين العامة والخاصة، بين الحاكم والمحكوم؛ لأن الحاكم يحتاج إليه، لتأييد مواقفه وعيبب الناس؛ ولذلك عندما يتولى الحاكم المملوكي أو غيره مقاليد الحكم، كان أول من يبايعه هو العز.بن.عبد.السلام، ثم بعد ذلك تبايعه الوزراء، ثم تبايعه الناس، فكان الحاكم يدري أنه يحكم أمة مسلمة تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وأنه لا يستطيع أن يستقر ويضمن هذه الأمة، إلا إذا حكمها بكتاب الله وسنة نبيها - صلى الله عليه وسلم -، وأرضى الواسطة بينه وبين هذه الأمة وهم العلماء.
فكان العالم يحتاجه الحاكم وفي نفس الوقت تحتاجه الرعية؛ لأن الرعية لها حاجات ومطالب وآراء واجتهادات، وكانوا لا يوصلونها بأنفسهم؛ لذلك يحتاجون إلى العالم؛ حتى يوصل هذه الأمور إلى الحاكم، فهو حلقة وصل بين الأمة وبين حكامها ومسؤوليها.
إن العالم في هذا الوقت -خاصة العز بن عبد السلام- كان في موقف عظيم، فمن جهة كان مدافعًا عن مصالح الأمة سواءً في أمورها الخاصة أو العامة، ولعل من أبرز الصور التي تتجلى فيها مدافعته عن مصالح الأمة دفاعه عن مصالحها الاقتصادية، ومعلوم أن الاقتصاد من الأمور التي يشترك الناس كلهم في الغضب لها أو الرضا بها، فإذا مَسَّت الجوانب الاقتصادية حياة الناس سخطوا، وإذا أرضوا بالمال رضوا: طيّبُهم وفاجرُهم.
ولذلك كان العز وغيره من العلماء يحرصون على حماية مصالح الناس عامة والاقتصادية خاصة.
خدمته للأمة على المستوى الخاص:
من المؤكد أن العز بن عبد السلام لم يكن عنده امتيازات شخصية، فلم يكن عنده رواتب ضخمة، ولا قصور فخمة؛ بل -كما سبق- كان الموكب الذي أراد أن يخرج به من مصر عبارة عن حمارين، وكان أثاثه كلّه يحمل في مزادتين، ورغم ذلك لم يتأخر العز عن خدمة الأمة على قلة ما يملك.
فقد حدث في دمشق انخفاض في الأسعار، حتى أصبحت البساتين تباع بأسعار زهيدة، فجاءت زوجة العزّ له وقد جمعت مصاغًا لها، وأعطته للعز وقالت له: اشتر لنا بستانًا نصطاف فيه -أي نخرج إليه في الصيف-، فأخذ العزّ الحلي والمصاغ وباعه، ثم وجد الناس محتاجين، فتصدق به، ثم رجع إلى البيت، فقالت له زوجته: يا سيدي، هل اشتريت لنا بستانًا؟ قال: نعم اشتريت لك بستانًا ولكن في الجنة، فقد رأيت الناس محتاجين ففرَّقْتُ هذا المال فيهم. فقالت له: جزاك الله خيرًا.
إذن الأمة عرفت أن الرجل يبذل ماله، ويحرص على قضاء حقوق المحتاجين، ولو من مصاغ زوجته، وهذا يستحق أن تقف الأمة وراءه، هذا في الأمور الخاصة وإن كانت بسيطة؛ لأن العالم في العادة لا يكون عنده أموال يوزعها،، فالعالم في تاريخ الأمة كلها ما كان يوزع أموالاً إلا في حالات نادرة، إنما يوزع الهداية بين الناس، هداية الدلالة والإرشاد.
خدمته للأمة على المستوى العام:
كان العز.بن.عبد.السلام مدافعًا أيضًا عن مصالح الناس الاقتصادية والمالية العامة، فهو يدافع عن أموالهم، ويمنع الظلم والاعتداء على حقوقهم، وإليك مثالاً يوضح ذلك:
فعندما أراد حاكم مصر أن يقاتل التتار، رأى أن أموال خزينة الدولة لا تكفي، ورأى أن يأخذ أموالاً من الناس، فجمع العلماء وقال لهم: ما رأيكم؟ نريد أن نأخذ من الناس أموالاً نستعين بها في تجهيز الجيش، والسلاح، ودفع رواتب الجند، وما أشبه ذلك من المصالح التي لابد منها، ونحن نواجه عدوًّا اجتاح بلاد العراق والشام ووصل إلينا وما في الخزينة لا يكفي لإعداد الجيش فقال له العز.بن.عبد.السلام: إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام، وضربته سكة ونقداً وفرقته في الجيش ولم يقم بكفايتهم، في ذلك الوقت اطلب القرض، وأما قبل ذلك فلا، فأحضر السلطان والعسكر كل ما عندهم من ذلك بين يدي الشيخ، وكان الشيخ له عظمة عندهم وهيبة بحيث لا يستطيعون مخالفته فامتثلوا أمره وانتصروا.
هذا الموقف تناقلته الأمة وعرفت مَنْ وراءه، وأن الذي حفظ أموالها وحماها من أن تغلب أو يؤخذ مالها بغير حق هو العز.بن.عبد.السلام


معايشته للواقع

إن من أهم الأمور التي جعلت الأمة ترتبط بالعز ابن.عبد.السلام معايشة الواقع.
فلم يكن العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - معزولاً عن هموم الأمة، ومشاكلها، وأوضاعها؛ بل كان يعيش أولاً بأوّل مشاكل الأمة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية…
وقد علمنا مما سبق من مواقفه كم كان يعيش مشكلات الأمة وهمومها، ولكننا بالإضافة إلى ذلك لو نظرنا إلى كتبه، لوجدنا أن لها علاقة كبيرة بالواقع.
فصحيح أنّ العز.بن.عبد.السلام كانت له كتب في الفقه والحديث والأصول والتفسير وغيرها، ولكنه مع ذلك كانت له كتب أخرى لها ارتباط بالواقع مثل:
كتاب: "الفتن والبلايا والمحن والرزايا" الذي يتكلم فيه عن المصائب والصبر عليها وما أشبه ذلك، وهذا له علاقة كبيرة بالمصائب والمشاكل التي كانت تعيشها الأمة في عصره.
وله كتاب اسمه: "ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام"، وقد ألَّفَ هذا الكتاب لما اجتاح الصليبيون بلاد الشام، وبدؤوا يحاربون المسلمين، ففزع كثير من المسلمين وبدؤوا يفرّون إلى الأمصار الأخرى، ويتركون الشام خلفهم، فكيف عالج العزّ هذا الأمر؟
لقد ألَّفَ هذا الكتاب الذي يثبِّتُ به المسلمين، ويحاول أن يجعلهم يقيمون في بلاد الشام ولا يخرجون منها؛ بل يحثّ المسلمين في الأمصار الأخرى أن يحرصوا على الانتقال إلى بلاد الشام وسكناها ومدافعة الأعداء فيها.
وله كتاب اسمه: "أحكام الجهاد" تكلم فيه عن الجهاد وأحكامه وما يتعلق به وفضله، إضافة إلى أنه هو نفسه كان يقوم بالجهاد مباشرة، ويشارك فيه حتى إنه في إحدى المرات، لما غزا التتار بلاد مصر جبن أهل مصر عنهم وضاقت بالسلطان وعساكره الأرض فاستشاروا الشيخ عز الدين فقال : اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر فامتثلوا أمره، وكان العز.بن.عبد.السلام في جيشه يثبّت الناس، ويرفع معنوياتهم، ويقويهم، ويلهب حماسـهم، حتى كانت الدائرة على الأعـداء وانتصر المسلمون.
ومما صنّف العز.بن.عبد.السلام وله تعلق بالواقع أيضًا، ما كتبه في الفتاوى، حيث ناقش في هذه الفتاوى بعض القضايا المتعلقة بعصره.


تضامن العلماء معه

إن من أبرز الجوانب في حياة العز.بن.عبد.السلام، والتي ساعدت على نجعيب: أن العلماء كانوا متضامنين معه، فلم يكن العلماء يقفون عند العز.بن.عبد.السلام ليقولوا: هذا سرق منّا الأضواء، وهذا فعل وفعل، وما أبقى لنا شيئًا؛ بل كان العلماء يدًا واحدة خاصة العلماء العاملين، ومما يدل على ذلك:

موقف عبد العظيم المنذري معه:
كان المفتي في مصر: هو الإمام عبد العظيم المنذري، فلما جاء العز ابن.عبد.السلام قال الإمام المنذري: قد كنت أفتي ولم يكن الإمام العز موجودًا، أما الآن فإن منصب الإفتاء متعين عليه.
موقف جمال الدين الحصيري معه:
عندما غضب أحد أمراء الشام على العز بن عبد السلام، ومنعه من التدريس، وفرض عليه الإقامة الجبرية، ذهب أحد الفقهاء الأحناف وهو جمال الدين الحصيري -وكان فقيهًا مهيبًا- إلى الحاكم في قلعته، ووقف عند الباب على حماره، فقال الحاكم: دعوه يدخل، فلما دخل قام الحاكم إليه وأنزله بنفسه، وقدّمه وقدّره وأبى أن يأكل إلا بعده فقال الشيخ: ما جئت إلى طعامك ولا إلى شرابك، فقال له السلطان: يَرْسُم الشيخ ونحن نمتثل مرسومه، قال: ما الذي حدث بينك وبين الإمام العز.بن.عبد.السلام؟ قال: حدث كذا، وكذا، وذكر القضية، فقال هذا الفقيه: والله لو كان العز.بن.عبد.السلام في الهند أو في أقصى الدنيا لكان جديرًا بك أن تسعى في أن يحضر إليك؛ فإنه شرف لك أن تملك أُمَّة فيها مثل العز.بن.عبد.السلام، فينبغي أن تسترضيه فوافق على ذلك، وأرضى العز بن.عبد.السلام وجعله في مقام رفيع

من يحمل الرايه

إن الأمة خاصة في أزمنة الفتن والضعف كهذا الضعف الذي نعيشه الآن، وكالضعف الذي كان في زمن العز.بن.عبد.السلام إذْ تسلَّطَ عليها التتار من جهة، والصليبيون من جهة، والضعف الداخلي من جهة ثالثة، والتفرق والتمزق إلى غير ذلك.
إن الأمة في لحظات الضعف هذه تطرح سؤالاً هو: من الذي يحمل الراية؟
الأمة كلها في حيرة تريد أحدًا يحمل الراية، ويقول: أنا لها؛ حتى تسير الأمة كلّها، ويسير العلماء، وطلاب العلم، والدعاة وراءه.

شيوخ العزّ يحملون الراية من قبله:
إن العز.بن.عبد.السلام - رحمه الله - تربى على أيدي علماء فيهم قوة وجرأة في الحق، فمنهم تعلّم، وعلى دربهم سار، ومن هؤلاء العلماء:
فخر الدين بن عساكر:
كان فخر الدين بن عساكر في دمشق وحاولوا أن يلزموه بالقضاء(33) فرفض، وكان ابن عساكر قويًّا في الحق، حتى إنه أنكر على حاكم دمشق أنه كان يضمِّن الناس الخمر والمكوس التي كانوا يتلفونها.
عبد الصمد الحرستاني:
ومن شيوخ العزّ أيضًا: رجل اسمه عبد الصمد الحرستاني وهذا الرجل ألزم بالقضاء أيضًا، فلمّا ألزموه القضاء سار به على طريقة السلف الصالح وعلى الجادة، حتى إنه في إحدى المرات كان في مجلس القضاء، فجاءه خصمان قدم له أحدهم رقعة، فجعلها في الدرج ثم قال: ماذا عندك؟ وقال لخصمه: وأنت ماذا عندك؟
ثم حكم بعد ذلك فجاء حكمه ضدّ الرجل صاحب الرقعة، ثم فضّ الرسالة، وقرأه، فإذا به خطاب من الحاكم يشفع لهذا الرجل الذي حكم عليه، يقول له: حاول أن تنظر في أمره، وأن تجعل الحق معه، فأتلف ذلك الكتاب، وقال: قد غلب كتاب الله هذا الرجل.
فكان هذا من شيوخ العز.بن.عبد.السلام، وعلى يد هؤلاء العلماء تعلّم العز.بن.عبد.السلام دروس القوة، والشجاعة، والغيرة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والزهد في المناصب، حيث عزل العز بن عبد السلام نفسَه من القضاء أربع مرات، فكلما حدثت مشكلة بينه وبين السلاطين يعزل نفسه عن القضاء ويقول : مالي به حاجة! أنتم ألزمتموني، لا أحتاجه، ثم يعزل نفسه .
تلاميذ العزّ يحملون الراية من بعده:
ثم تلقى على يد العز.بن.عبد.السلام بعد ذلك رجال آخرون حملوا الراية من بعده، وساروا على دربه ومن هؤلاء:
ابن دقيق العيد:
الذي عزل نفسَه من القضاء أربع مرات، فكلما حدثت مشكلة يقوم ابن دقيق العيد بعزل نفسه عن القضاء، ويقول: مالي به حاجة! أنتم ألزمتموني، لا أحتاجه، ثم يعزل نفسه.
وقد حصل لابن دقيق العيد موقف مشابه لموقف شيخه العز ابن عبد السلام، فإن السلطان محمد بن قلاوون أراد أن يجمع المال من الناس لأجل حرب التتار ولو بالقرض، وهذا شبيه بما فعله قطز من قبل مع العز بن عبد السلام، فجمع السلطان محمد بن قلاوون العلماء؛ ليحظى بتأييدهم في هذا الأمر.
فقال له ابن دقيق العيد: لا يمكن أن تأخذ الأموال من الناس إلا بعد أن تجمع الأموال من السلاطين، والأمراء، ومن نسائهم، حتى قال له: إن من أمرائكم من جهز ابنته لتزف إلى زوجها، وعمل بحفلها الجواهر، واللآلئ، والحلي الفاخرة، وجعل معها الأواني من الذهب والفضة، وإن منكم من رَصّع مداس زوجته بالجوهر، فإذا أتيت بهذه الأموال ولم تكف ننتقل إلى أموال الرعية.
إذن القضية هي تربية العزّ التي تلقَّاها مِنْ مشايخه من أمثال: ابن عساكر وعبد الصمد الحرستاني، ومن ثم أدّى الأمانة وسلّم الراية إلى من بعده كابن دقيق العيد وغيره من التلاميذ

.....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سلطان العلماء العز بن عبد السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ابن الفارض سلطان العاشقين
» نبي الله صالح عليه السلام
» وصايا الغوث الاعظم سلطان العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره العظيم
» العزير عليه السلام
» كيف كان وجه يوسف عليه السلام ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نور الصباح عروس المملكة رضى الله عنها وأرضاها :: أســــمـاء لـــهـا تــــاريــــخ :: شخصيات أسلامية-
انتقل الى: