زائر زائر
| موضوع: ذو النون المصري الثلاثاء فبراير 23, 2010 4:51 am | |
| [size=24] [size=21]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياته: اٍنه أبوالفيض ذوالنون بن ابراهيم المصرى: يقول عنه صاحب الكواكب الدريه العارف الناطق بالحقائق،الفائق للطرائق، ذوالعبارات الوثيقه، والاشارات الدقيقه، والصفات الكامله، والنفس العامله، والهمم الجليه، والطريقه المرضيه، والمحاسن الجزيله المتبعه، والافعال والاقوال التى لا تخشى منها تبعه، زهت به مصر وديارها، وأشـرق بنوره ليلها ونهارهـا)
ويقولون فى وصفه: (كان رجلا نحيفا تعلوه حمره) . - كيف كان ذوالنون فى طفولته وشبابه ؟ فى ذلك يقول يوسف بن الحسين استأنست بذى النون، فقلت له: أيها الشيخ ما كان بدء شأنك ؟ قال:كنت شابا صاحب لهو ولعب) ونحب ان نقف ونقول اولا : انه كان يعيش الحياة العاديه للشبان لا يعبأون بوقت يمر لا يشغلوه بما يفيد، ولا تعنى الكلمه انه كان عاصيا سئ الاخلاق، لانه يقول بعد ذلك : (وخرجت حاجا الى بيت الله الحرام) . ثم يقول ( ومعى بضيعه فى المركب مع تجار من مصر) وهذه الكلمه الاخيره قد ترشد الى انه اشتغل فى شبابه بالتجاره ويبدو أن هذه الحجه كانت الاساس فى اتجاهه الى الله . انى افترض اذن ان هذا الحج كان من العوامل الهامه فى حياة ذى النون المصرى وانه فصل بين مرحلتين احداهما:المرحله العاديه الاولى، والثانيه : هى مرحلة التزكيه. ومع ذلك فهناك مجال آخر لاحتمالات اخرى وهذه الاحتمالات نأخذها على أنها رمزيه جميله فى رمزيتها أو نأخذها على أنها حقيقه عجيبه فى وصفها . أحد هذه الاحتمالات ما روى من انه سئل عن سبب توبته فقال خرجت من مصر لبعض القرى فنمت فى الطريق فى بعض الصحارى ففتحت عينى فاذا بقنبرة عمياء سقطت من وكرها على الارض فانشقت الارض فخرج منها سكرجتان : احداهما ذهب والاخرى فضه وفى احداهما سمسم والاخرى ماء فجعلت تأكل من هذه وتشرب من هذه، فقلت حسبى قد تبت ولزمت الباب الى أن قبلنى) هذه هى قصة الاحتمال الثانى وهذه القصه التى تروى على لسان ذى النون أهى قصه رمزيه أراد بها ذو النون أن يوضح عناية الله بمخلوقاته ، أم هى قصه حقيقيه وأن لله تعالى عجائب فى الكون تظهر لذوى البصيره لا يعدها عد ولا تحدها حدود . وليست القصة بمستحيله وانها لفى غاية الجمال فى الدلاله على جميل عناية الله بمخلوقاته . واحتمال ثالث : يقول صاحب الكواكب الدريه عن ذى النون: (وكان اسمه ثوبان بن ابراهيم وقيل الفيض وأصله من النوبه ثم نزل اخميم فأقام بها فسمع يوما صوت لهو ودفاف . فقال:ما هذا؟ قيل:عرس وسمع بجانبه بكاء وصياحا فقال:ما هذا؟ فقيل:فلان مات . فقال:أعطى هؤلاء فما شكروا وابتلى هؤلاء فما صبروا وأقسم أن لا يبيت بالبلد فخرج فورا الى مصر فقطنها.. وهذه فى الواقع قصه عاديه تحدث كل يوم ويمر بها الناس فلا تثير فى نفوسهم شيئا. ومع ذلك:فانها عبرة للذين هيأ الله نفوسهم للتأمل فى عبر الحياة حينما تمر بهم . لقد هيأ الله نفس ذى النون فى تلك الساعه فأثرت فيه عبره الحياه فكانت الهدايه. وهذه الاحتمالات لا ينفى بعضها بعضا ومن الممكن أن تكون قد تكاتفت وتعاونت فانتهت به الى التأثير فى جميع أقطار نفسه فتاب وأناب وسلك الطريق . ثم انها لا تنفى احتمالا رابعا له قيمه الكبرى فى نظرنا وذلك أن صاحب الحليه يقول: (وكان شيخه فى الطريق شقران العابد) . هل كان شقران العابد أساس هدايته؟ هل تلقفه قبل أن تتحول به الحياة من طريق الى طريق؟فكان الموجه له والمرشد له بعد الحج . انها احتمالات كلها ممكنه ولعلها تعاونت فأخرجت لنا ذوالنون المصرى . ومهما يكن من شئ فاننا نرى أن توبة ذى النون انما بدأت برحلته هذه الى الحج.ان ذى النون تأثر لا شك بالحج . وهو حينما يتحدث عن هذه الحجه الاولى يتحدث معها عما شاهده فيها من تجليات الله على بعض عباده . بيد أن العامل الحاسم فى حياة ذى النون انما هو لقاؤه بشقران العابد وكان شقران شخصيه قويه وان كنا لم نعثر له على كتب أوترجمه مستفيضه ،ولكن الامام الشعرانى يقول عنه شقران المغربى العابد:شيخ ذى النون المصرى . طاب ذكره وثناؤه ، كان ذا أحوال باهره ومقامات فاخره ومن كلامه: أن لله عبادا خرجوا اليه باخلاصهم، وشمروا اليه بنظافة اسرارهم،فأقامواعلى صفاء المعامله، وبادروا الى استماع كلامه بحضور أفهامهم،فعند ذلك نظر اليهم بعين الملاحظه فأجزل لهم المواهب،وحفت لهم منه العطايا،فشموا روائح القرب من قربه، وهبت عليهم رياح اللقاء من تحت عرشه، فتطايرت ارواح قلوبهم الى ذلك الروح العظيم، ثم نادت لا براح . وقال:"ألا خل خدوم ؟ ألا صديق يدوم ؟ ألا حليف وداد ؟ ألا صحيح اعتقاد ؟ اين من استراح قلبه بحب الله ؟ اين من ظهر على جوارحه نور خدمة الله ؟ اين من عرف الطريق ؟ اين من نظر بالتحقيق ؟ اين من سقى فباح ؟ اين من بكى وناح ؟ أولئك تحف بهم الملائكه باليل والنهار،وتسلم عليهم الحيتان من البحار)
من كتاب ذوالنون المصرى للامام عبدالحليم محمود
المحبة للمصطفى صل الله عليه وسلم [/size] [/size] |
|