[size=25]السلام عليكم ورحمة الله وبركات
مناظرة بين أهل الجنة وأهل النار
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ(44)الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ(45)وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ(46)وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(47)}
{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} هذا النداء إنما يكون بعد استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، وعبَّر بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه أي ينادي أهلُ الجنة أهلَ النار يقولون: إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا على ألسنة رسله من النعيم والكرامة حقاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم من الخزي والهوان والعذاب حقاً؟ قال أهل النار مجيبين: نعم وجدناه حقاً. قال الزمخشري: وإِنما قالوا لهم ذلك اغتباطاً بحالهم، وشماتةً بأهل النار، وزيادة في غمهم لمجرد الإِخبار والاستخبار {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} أي أعلن معلنٌ ونادى منادٍ بين الفريقين بأن لعنة الله على كل ظالم بالله ثم وصفه بقوله {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي الذين كانوا في الدنيا يمنعون الناس عن اتباع دين الله ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة حتى لا يتبعها أحد {وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ} أي وهم بلقاء الله في الدار الآخرة مكذبون جاحدون {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ} أي بين الفريقين حجاب وهو السور الذي ذكره بقوله {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} يمنع من وصول أهل النار للجنة، وعلى هذا السور رجال يعرفون كلاً من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم أي بعلامتهم التي ميّزهم الله بها. قال قتادة: يعرفون أهل النار بسواد وجوههم وأهل الجنة ببياض وجوههم {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} أي ونادى أصحاب الأعراف أهل الجنة حين رأوهم أن سلامٌ عليكم أي قالوا لهم: سلام عليكم قال تعالى {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} أي لم يدخل أصحاب الأعراف الجنة وهم يطمعون في دخلوها {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} قال المفسرون: أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فليسوا من أهل الجنة ولا من أهل النار، يحبسون هناك على السور حتى يقضي الله فيهم فإذا نظروا إلى أهل الجنة سلّموا عليهم، وإذا نظروا إلى أهل النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين، سألوا الله ألاّ يجعلهم معهم. قال أبو حيان: وفي التعبير بقوله {صُرِفَتْ} دليل على أن أكثر أحوالهم النظر إلى أهل الجنة وأن نظرهم إلى أصحاب النار ليس من قِبَلهم بل هم محمولون عليه والمعنى أنهم إذا حمُلوا على صرف أبصارهم ورأوا ما عليه أهل النار من العذاب استغاثوا بربهم من أن يجعلهم معهم.
المحبة للمصطفى صل الله عليه وسلم[/size]