زائر زائر
| موضوع: شرح دعاء القنوت الإثنين سبتمبر 28, 2009 4:52 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرح دعاء القنوت إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، واصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: فإننا نسمع دعاء القنوت المشهور الذي علمه النبي للحسن بن علي بن أبي طالب - ما - وهذا بيان لمعاني هذا الدعاء والله الموفق:
"اللهم اهدنا" ما المراد بالهداية هنا؟ هل المعنى لدنا على الحق فيمن دللت؟ أو أن المعنى دلنا على الحق ووفقنا لسلوكه؟ الجواب الثاني: أن المعنى دلنا على الحق ووفقنا لسلوك الحق وذلك؛ لأن الهداية التامة النافعة هي التي يجمع الله فيها للعبد بين العلم والعمل؛ لأن الهداية بدون عمل لا تنفع بل هي ضرر؛ لأن الإنسان إذا لم يعمل بما علم صار علمه وبالاً عليه. مثال الهداية العلمية بدون العمل: قوله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) (فصلت: 17). ومعنى هديناهم: أي بينا لهم الطريق وأبلغناهم العلم، ولكنهم - والعياذ بالله - استحبوا العمى على الهدى. ومن الهداية التي هي العلم وبيان الحق قول الله تبارك وتعالى للنبي : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى: 52). ومعنى تهدي: أي تدل وتبين، وتعلم الناس الصراط المستقيم. وأما الهداية التي بمعنى التوفيق، فمثل قول المصلي (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) (الفاتحة: 6). فعندما نقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) هل أنت تسأل الله علماً بلا عمل، أو عملاً بلا علم، أو علماً وعملاً؟ الجواب: ينبغي للإنسان إذا دعا الله بقول: "أهدنا الصراط المستقيم" أن يستحضر أنه يسأل ربه العلم والعمل. فالعلم الذي هو الإرشاد، والعمل هو التوفيق، وهذا فيما أظن - والعلم عند الله - أنه يغيب عن بال كثير من الناس عندما يقول: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ). وقوله تعالى للرسول : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
هذه هداية إرشاد وبيان. لكن قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (القصص: 56). فهذه الهداية هداية التوفيق للعمل، فالرسول لا يستطيع أن يوفق أحداً للعمل الصالح أبداً ولو كان يستطيع ذلك لاستطاع أن يهدي عمه أبا طالب، وقد حاول معه حتى قال له عند وفاته: "يا عم قل: "لا إله إلا الله" كلمة أحاج لك بها عند الله" ولكن قد سبقت له من الله عز وجل الكلمة بأنه من أهل النار - والعياذ بالله -. فلم يقل لا إله إلا الله وكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب(1). ولكن الله عز وجل أذن لرسوله أن يشفع له، لا لأنه عمه، لكن لأنه قام بسعي مشكور في الدفاع عن النبي وعن الإسلام. فشفع النبي فيه فكان في ضحضاح من نار وعليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، وإنه لأهون أهل النار عذاباً. قال النبي : "ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار"(1). إذا قلنا في دعاء القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت، فإننا نسأل الله تعالى الهدايتين: هداية العلم، وهداية العمل. وقوله: "فيمن هديت" ما الذي جاء بها هنا يعني لو اقتصر الإنسان وقال: "اللهم اهدنا" حصل المقصود؟ الجواب: ليكون ذلك من باب التوسل بنعم الله عز وجل على من هداه أن ينعم علينا نحن أيضاً بالهداية، يعني أننا نسألك الهداية فإن ذلك من مقتضى رحمتك وحكمتك ومن سابق فضلك فإنك قد هديت أناس آخرين. وهذا فيه نوع من التوسل بفعل الله تعالى وهو هدايته من هدى.
"وعافنا فيمن عافيت". هل المعافاة من أمراض البدن، أو من أمراض القلوب، أو من الأمراض البدنية والقلبية؟ فالجواب: من الاثنين أي عافنا من أمراض القلوب، وأمراض البدن.
وما الذي يتبادر إلى أذهانكم إذا دعوتم الله بهذا الدعاء: "وعافنا فيمن عافيت"؟ الظاهر: أن المتبادر أنه العافية من أمراض البدن، لكن ينبغي لك يا أخي أن تستحضر أن الله يعافيك من أمراض البدن وأمراض القلب؛ لأن أمراض القلوب هي المصائب، ولذلك نقول في دعاء القنوت: "ولا تجعل مصيبتنا في ديننا". وأمراض القلوب تعود إلى شيئين: 1- أمراض الشهوات ومنشؤها الهوى، فإن الإنسان يعرف الحق لكن لا يريده، فله هوى مخالف لما جاء به النبي . 2- أمراض الشبهات ومنشؤها الجهل، فإن الإنسان الجاهل يفعل الباطل ويظنه حق، وهذا مرض خطير. فأنت تسأل الله العافية من أمراض الأبدان وأمراض القلوب التي هي أمراض الشبهات، وأمراض الشهوات. وعندما نقول أمراض الشهوات فلا تظن أننا نزيد أمراض الشهوة الجنسية - وهي شهوة النكاح - ولكننا نريد كل ما يريده الإنسان مما يخالف الحق، فإنها شهوة - بمعنى: إرادة: اشتهى أن يبتدع في دين الله أو اشتهى أن يحرف نصوص الكتاب والسنة لهواه، أو اشتهى أن يسرق، أو أن يشرب الخمر، أو يزني، وما أشبه ذلك.
"وتولنا فيمن توليت": معناه: أي كن ولياً لنا بالولاية الخاصة للمؤمنين كما قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) (البقرة: 257). وقوله جل وعلا: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) (المائدة: 55). فتسأل الله تعالى الولاية الخاصة التي تقتضي العناية بمن تولاه الله عز وجل.
أما الولاية العامة: فهي تشمل كل أحد، فالله ولي كل أحد، كما قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (الأنعام: 61). وهذا عام لكل أحد ثم قال: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ) (الأنعام: 62). أي: الولاية العامة. لكن عندما نقول: "اللهم اجعلنا من أوليائك"، أو "اللهم تولنا" فإننا نريد بها الولاية الخاصة، والولاية الخاصة تقتضي التوفيق، والنصرة، والصد عن كل ما يغضب الله عز وجل.
"وبارك لنا فيما أعطيت": البركة يقول العلماء: إنها هي الخير الكثير الثابت، ويعيدون ذلك إلى اشتقاق هذه الكلمة، فإنها من البركة وهي مجمع الماء مكان واسع ماؤه كثير ثابت. فالبركة هي الخيرات الكثيرة الثابتة. والمعنى أي انزل لي البركة فيما أعطيتني.
"فيما أعطيت": أي من كل شيء أعطى الله عز وجل (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل: 53). فتسأل الله البركة فيه؛ لأن الله إذا لم يبارك لك فيما أعطاك حرمت خيراً كثيراً. ما أكثر الناس الذين عندهم المال الكثير وهم في عداد الفقراء؛ لأنهم لا ينتفعون بمالهم، تجد عندهم من الأموال ما لا يحصى، لكن يقصر على أهله في النفقة، وعلى نفسه ولا ينتفع بماله، والغالب أن من كان هذه حاله وبخل بما يجب عليه، أن يسلط على أمواله آفات تذهبها. كثير من الناس عنده أولاد لكن أولاده لم ينفعوه، عندهم عقوق واستكبار على الأب، حتى إنه - أي الولد - يجلس إلى صديقه الساعات الطويلة يتحدث إليه ويأنس به ويفضي إليه بأسراره، لكنه إذا جلس عند أبيه، وإذا هو كالطير المحبوس في الققص - والعياذ بالله - لا يأنس بأبيه، ولا يتحدث إليه، ولا يفضي إليه بشيء من أسراره، ويستثقل حتى رؤية أبيه، فهؤلاء لم يبارك لهم في أولادهم.
تجد بعض الناس أعطاه الله علماً كثيراً لكنه بمنزلة الأمي لا يظهر أثر العلم عليه في عباداته، ولا في أخلاقه، ولا في سلوكه، ولا في معاملته مع الناس، بل قد يعيببه العلم استكباراً على عباد الله وعلواً عليهم واحتقاراً لهم، وما علم هذا أن الذي من عليه بالعلم هو الله، وأن الله لو شاء لجعله مثل هؤلاء الجهال. تجده قد أعطاه الله علماً، ولكن لم يتنفع الناس بعلمه، لا بتدريس، ولا بتوجيه، ولا بتأليف، بل هو منحصر على نفسه لم يبارك الله له في العلم، وهذا بلا شك حرمان عظيم، مع أن العلم من أبرك ما يعطيه الله للعبد؛ لأن العلم إذا علمته غيرك، ونشرته بين الناس أجرت على ذلك من عدة وجوه: أولاً: أن في نشرك للعلم نشراً لدين الله عز وجل، فتكون من المجاهدين في سبيل الله؛ فالمجاهد في سبيل الله يفتح البلاد بلداً بلداً حتى ينشر فيها الدين، وأنت تفتح القلوب بالعلم حتى تنشر فيها شريعة الله عز وجل. ثانياً: من بركة نشر العلم وتعليمه، أن فيه حفظاً لشريعة الله وحماية لها، لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة، فالشريعة لا تحفظ إلا برجالها رجال العلم، ولا يمكن حماية الشريعة إلا برجال العلم، فإذا نشرت العلم، وانتفع الناس بعلمك، حصل في هذا حماية لشريعة الله، وحفظ لها. ثالثاً: فيه أنك تحسن إلى هذا الذي علمته؛ لأنك تبصره بدين الله عز وجل، فإذا عبد الله على بصيرة؛ كان لك من الأجر مثل أجره؛ لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعل الخير. فالعلم في نشره خير وبركة لناشره ولمن نشر إليه. رابعاً: أن في نشر العلم وتعليمه زيادة له، فعلم العالم يزيد إذا علم الناس؛ لأنه استذكار لما حفظ وانفتاح لما لم يحفظ كما قال القائل: يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددتا أي إذا أمسكته ولم تعلمه نقص.
"وقنا شر ما قضيت": الله عز وجل يقضي بالخير ويقضي بالشر. أما قضاؤه بالخير فهو: خير محض في القضاء والمقضي.
مثال: القضاء للناس بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة والهداية والنصر... إلخ. فهذا الخير في القضاء والمقضي. وأما قضاؤه بالشر فهو خير في القضاء، شر في المقضي. مثال ذلك: القحط وامتناع المطر، فهذا شر لكن قضاء الله به خير. قال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم: 41). فلهذا القضاء غاية حميدة، وهي: الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته، فصار المقضي شراً، وصار القضاء خيراً.
"وقنا شر ما قضيت": "ما" هنا اسم موصول، والمعنى أي شر الذي قضيته، فإن الله تعالى يقضي بالشر لحمة بالغة حميدة. "إنك تقضي ولا يقضى عليك": فالله تعالى يقضي على كل شيء؛ لأن له الحكم التام الشامل. "ولا يقضى عليك": فلا يقضي عليه أحد. فالعباد لا يحكمون على الله، والله يحكم عليهم، العباد يسألون عما عملوا، وهو سبحانه (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الانبياء: 23). "إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت": وهذا كالتعليل لقولنا فيما سبق: "وتولنا فيمن توليت" فإذا تولى الله سبحانه الإنسان فإنه لا يذل، وإذا عادى الله الإنسان فإنه لا يعز - ومعنى ذلك - أننا نطلب العز من الله سبحانه، ونتقي من الذل بالله عز وجل فلا يمكن أن يذل أحد والله تعالى وليه، فالمهم هو تحقيق هذه الولاية، وبماذا تكون هذه الولاية؟ الجواب: هذه الولاية تكون بوصفين بينهما الله عز وجل في كتابه فقال عز وجل: )أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس: 62- 63) وصفان أحدهما في القلب والثاني في الجوارح. (الذين آمنوا) هذه في القلب (وكانوا يتقون) هذه في الجوارح، فإذا صلح القلب والجوارح نال الإنسان الولاية بهذين الوصفين.
وليست الولاية فيمن يدعيها من أولئك القوم الذين يسلكون طرق الرهبان وأهل البدع الذين يبتدعون في شرع الله ما ليس منه ويقولون نحن الأولياء. فولاية الله عز وجل التي بها العز هي مجموعة في هذين الوصفين الإيمان والتقوى. قال شيخ الإسلام ابن تيميه أخذاً من هذه الآية: (الذين آمنوا وكانوا يتقون): "من كان مؤمناً تقياً، كان لله ولياً". وصدق - رحمه الله - لأن هذا ما دل عليه القرآن. "ولا يعز من عاديت": يعني أن من كان عدواً لله فإنه لا يعز، بل حاله الذل والخسران والفشل، قال الله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 98). فكل الكافرين في ذلك وهم أذلة. ولهذا لو كان عند المسلمين عز الإسلام، وعز الدين، وعز الولاية ما كان هؤلاء الكفار على هذا الوضع الذي نحن فيه الآن؛ حتى إننا ننظر إليهم من طرف خفي؛ ننظر إليهم من طريق الذل لنا والعز لهم؛ لأن أكثر المسلمين اليوم مع الأسف لم يعتزوا بدينهم ولم يأخذوا بتعاليم الدين، وركنوا إلى مادة الدنيا وزخارفها، ولهذا أصيبوا بالذل، فصار الآن الكفار في نفوسهم أعز منهم. لكننا نؤمن بأن الكفار أعداء الله، وأن الله كتب الذل على كل عدو له. قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) (المجادلة: 20) وهذا خبر مؤكد ثم قال: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة: 21). فمن عادى الله عز وجل فهو ذليل لا يمكن أن يكون عزيزاً أبداً لكن قد يكون عزيزاً في نظر من لا يرى العزة إلا في مصل ما كان عليه هذا الكافر، وأما من نظر إلى أن العزة لا تكون إلا بولاية الله عز وجل والاستقامة على دينه فإنه لا يرى هؤلاء إلا أذل خلق الله.
"تباركت ربنا وتعاليت":
هذا ثناء على الله عز وجل بأمرين:
أحدهما: التبارك والتاء هنا للمبالغة؛ لأن الله عز وجل هو أهل البركة. تباركت: أي كثرت خيراتك وعمت ووسعت الخلق؛ لأن البركة كما قلنا فيما سبق هي الخير الكثير الدائم. وقوله: "ربنا": أي يا ربنا فهو منادى حذفت منه ياء النداء لكثرة الاستعمال، وللتبرك بالبداءة باسم الله تعالى. وقوله: "وتعاليت": من العلو الذاتي والوصفي. فالله سبحانه عليٌّ بذاته وعليٌّ بصفاته، فعلو الذات معناه: أن الله تعالى فوق كل شيء، وعلو الصفات معناه: أن الله تعالى موصوف بكل صفات عليا، فليس في صفاته نقص بوجه من الوجوه(1). "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك" هذا من باب التوسل برضاء الله أن يعيذك من سخطه. "وبمعافاتك من عقوبتك". أي أن يعافيك الله من كل بلية في الدين والدنيا. "وبك منك" في هذا غاية اللجوء إلى الله، فلا يمكن أن تستعيذ من الله إلا بالله، إذ لا أحد يعيذك من الله إلا الله، فالإنسان يقر بقلبه ولسانه أنه لا مرجع له إلا ربه سبحانه وتعالى. "لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" أي لا ندركه، ولا نبلغه. فلا يمكن أن تحصي الثناء على الله أبداً؛ لأن أفعال الله غير محصورة وكل فعل من أفعال الله فهو كمال، وأقواله كذلك غير محصورة، وكذلك ما يدفعه عن عبادة غير محصورة، فالثناء على الله لا يمكن أن يصل الإنسان فيه إلى غاية ما يجب لله من الثناء مهما بلغ من الثناء على الله تعالى، وغاية الإنسان أن يعترف بالنقص والتقصير فيقول: "لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك". وفي هذا من الإقرار بكمال صفات الله ما هو ظاهر معلوم. "اللهم صل على محمد" أي: أثني عليه في الملأ الأعلى. "وعلى آل محمد" إذا ذكر الآل وحده فالمراد جميع أتباعه على دينه، وإذا ذكر معه غيره صار المراد بالآل المؤمنين من أهل بيته وغيرهم بحسب السياق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
المرجع / مجموع فتاوى ورسائل قسم الفقه باب صلاة التطوع - (ج 14)
المحبة للمصطفى صل الله عليه وسلم
|
|